الفيديو في أسفل الصفحة
لطالما كان حلم استضافة كأس العالم لكرة القدم يراود المغرب، ذلك البلد الذي يجمع بين التاريخ العريق، الطبيعة الساحرة، والموقع الاستراتيجي الذي يصل بين إفريقيا وأوروبا. منذ تسعينيات القرن الماضي، والمملكة المغربية تقدم ملفاتها للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، على أمل أن تُتاح لها الفرصة لتنظيم الحدث الكروي الأضخم في العالم. وبين كل ملف وآخر، ظل المغاربة يحملون الحلم نفسه، ومع كل مرة كان الأمل يكبر، حتى جاء الإعلان التاريخي: المغرب سيكون أحد البلدان المستضيفة لكأس العالم 2030، إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال.
قدّم المغرب خمسة ملفات لاستضافة المونديال، بدأت بمحاولة استضافة كأس العالم 1994، مرورًا ببطولات 1998، 2006، 2010، و2026، وكل مرة كان الملف المغربي يصل إلى الأدوار النهائية، لكنه يصطدم بحسابات السياسة الدولية أو القوة الاقتصادية لدول أخرى. ورغم الخيبات، لم يتراجع الطموح المغربي، بل ظل يتعزز بإصرار شعبي ورسمي، وبنية تحتية رياضية وسياحية تزداد تطورًا.
المغرب راهن دومًا على موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، ومخزونه الثقافي الغني، وقدرته على توفير بنية تحتية حديثة تجمع بين الأصالة والحداثة. وقد أكدت هذه المحاولات للمجتمع الدولي أن المملكة قادرة تمامًا على تنظيم حدث بهذا الحجم، وهو ما جعلها في صلب الملف الثلاثي الذي فاز بتنظيم كأس العالم 2030.
في أكتوبر 2023، أعلن الفيفا رسميًا أن كأس العالم 2030 سيقام بشكل مشترك بين المغرب، إسبانيا، والبرتغال، لتكون المرة الأولى التي ينظم فيها المونديال على قارتين: إفريقيا وأوروبا. جاء هذا الإعلان بمثابة انتصار تاريخي للمغرب، وللقارة السمراء ككل، التي ظلت لعقود تنتظر فرصة مماثلة منذ مونديال جنوب إفريقيا 2010.
هذا الفوز لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط استراتيجي طويل، شمل تحديث الملاعب الكبرى كملعب محمد الخامس في الدار البيضاء، وملعب مراكش، وملعب طنجة، إضافة إلى مشاريع ضخمة للبنية التحتية: طرق، مطارات، وفنادق بمواصفات عالمية، حتى يكون المغرب جاهزًا لاستقبال ملايين المشجعين من مختلف دول العالم.
من المنتظر أن يعود تنظيم المونديال في المغرب بمكاسب اقتصادية هائلة، من أبرزها:
رغم هذه المكاسب، فإن تنظيم كأس العالم يشكل تحديًا ضخمًا، خاصة من حيث:
منذ صعود أسود الأطلس التاريخي إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022، والمغرب يعيش لحظة مجد كروي غير مسبوقة. عادت الثقة إلى الشارع الرياضي المغربي، وأصبح الحديث عن الكرة ليس مجرد هواية، بل مشروع وطني متكامل. واليوم، ومع اقتراب موعد 2030، يعيش المغاربة حالة من الحماس المشوب بالأمل، على أمل أن يكون هذا المونديال حدثًا فارقًا يغير وجه البلاد، ويؤسس لمرحلة جديدة من التنمية والريادة الإفريقية.
كأس العالم في المغرب لن يكون مجرد بطولة رياضية عابرة، بل سيكون مناسبة لكتابة فصل جديد في تاريخ البلاد، فصل تلتقي فيه الرياضة بالاقتصاد، والثقافة بالسياسة، والحلم بالواقع. هو فرصة كي يرى العالم بأسره وجه المغرب الحقيقي: بلد الكرم، التاريخ، الطموح، والجمال